المطلب الخامس هل يشترط أن تكون العلَّة مناسبة أي: مشتملة على
حكمة قصدها الشارع من تشريعه للحكم؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: يشترط أن تكون العِلَّة مشتملة على حكمة قصدها
الشارع.
والمراد بالحكمة: تحصيل مصلحة، أو تكميلها، أو دفع مفسدة أو
تقليلها مثل: تعليل الترخص في قصر الصلاة بالسفر؛ لاشتماله
على الحكمة المناسبة للتخفيف، وهي المشقة، ومثل: جعل الزنا
علَّة لوجوب الحد على الزاني؛ لاشتماله على حكمة مناسبة،
وهي: اختلاط الأنساب.
فلا بد أن تكون العلَّة وصفا مناسبا يغلب على ظن المجتهد فيه
وجود المصلحة المقصودة للشارع من تشريع الحكم.
فالإسكار - مثلاً - مناسب لتحريم الخمر، وإيجاب العقوبة على
السكران.
والمصلحة في ذلك حفظ عقول الناس.
وقتل الوارث مورثه مناسب لحرمانه من الميراث؛ لأن ترتب
الحرمان على ذلك القتل يحقق مصلحة هي: دفع العدوان عن من
هو أوْلى الناس بالرعاية، والاحترام، والمحافظة عليه، وهو قريبه،