ثم يبدأ بسبر واختبار تلك الأوصاف، وينظر فيها، ويسقط ما لم
يجده مناسبا، وما لا يصلح لتعليل الحكم به بحيث يبقى ما يمكن
التعليل به وعجز عن إبطاله، وهو كونه مكيلاً - مثلاً - فهذا يُسمى
بالسبر.
مثال آخر: أن يقول المجتهد في ولاية الإجبار على النكاح: إن
هذا الحكم إما أن يعلل بالصغر، أو يعلل بالبكارة.
أما تعليل الإجبار على النكاح بالصغر فإنه باطل؛ لأنها لو كانت
العلَّة الضغر لثبتت ولاية الإجبار على الثيب الصغيرة؛ نظراً لوجود
نفسَ العلَّة فيها، وهذا مخالف لنص وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"الثيب أحق بنفسها"،
وهو عام للثيب الصغيرة والكبيرة، فلم يبق إلا أن يعلل
بالثاني وهو: البكارة.
***
ثانيا: أسماء هذا الطريق:
بعض العلماء يطلق عليه: " السبر " فقط، وبعضهم يطلق عليه
"التقسيم " فقط، وبعض ثالث يطلق عليه " السبر والتقسيم " معا،
وهذا هو المنتشر، وهو الصحيح؛ لأن هذا الطريق لثبوت العِلَّة
يتكون منهما معا، فلا يغني السبر عن التقسيم، ولا يغني التقسيم
عن السبر.
اعتراض على عبارة: " السبر والتقسيم ":
قال قائل - معترضا -: إنه من خلال معرفتنا لتعريف السبر
والتقسيم، فإنه من الأنسب تقديم التقسيم على السبر في الذكر ما
دام أنه متقدم عليه في الواقع ونفس الأمر، فيقال: " التقسيم
والسبر؛ حيث إن التقسيم متقدم في الوجوب على السبر كما سبق في
التعريف، والأمثلة.