المذهب الثاني: أنه لا يجوز القياس في المقدرات.

وهو مذهب الحنفية.

دليل هذا المذهب:

أن التقديرات قد ثبتت على وجه لا يمكن إدراك وجه اختصاصها

بذلك التقدير، دون ما هو أعلى أو أدنى، كما في تقدير نصب

الزكوات، فكانت من الأمور التعبدية التي لا نعلم العِلَّة التي من

أجلها شرعت، فلا يجري القياس فيها.

جوابه:

إننا في القياس ننظر إلى المعاني التي تعلَّقت بها تلك المقدرات،

فإذا وجدنا ما يساوي هذا المعنى في محل آخر أثبتنا فيه ما كان ثابتا

في الأصل من حكم، دون تعرض إلى وجه اختصاص ذلك المعنى

المشترك بين الأصل والفرع بمقدار عينه الشارع، فالنظر إلى المعنى

المشترك، وإثبات الحكم له، وليس النظر إلى وجه الاختصاص

بذلك المقدار لذلك المعنى.

بيان نوع الخلاف:

الخلاف هنا معنوي كما قلنا في إثبات العقوبات بالقياس؛ حيث

إن أصحاب المذهب الثاني لم يقيسوا على المقدرات شيئاً آخر، بينما

أصحاب المذهب الأول قد قاسوا على المقدرات وعملوا على ذلك

القياس.

فإن قال قائل: إن الخلاف يشبه أن يكون لفظيا؛ حيث إن

أصحاب المذهب الثاني قد أثبتوا التقدير فيها بالقياس.

ومن ذلك: تقدير المسح للرأس بثلاثة أصابع؛ قياساً على مسح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015