أما القسم الثاني وهو: القياس الخفي فهو: ما كانت علَّته
مستنبطة من حكم الأصل، واحتمال تأثير الفارق فيه قوي كقياس
النبيذ على الخمر بجامع الإسكار، وقياس القتل بالمثقل على القتل
بالمحدد في وجوب القصاص بجامع: أن كلًّا منهما يعتبر قتلاً عمداً
عدواناً.
التقسيم الثاني: ينقسم القياس من حيث القطع والظن إلى قسمين:
" قياس قطعي "، و " قياس ظني ".
أما القسم الأول وهو: القياس القطعي فهو: ما قطع فيه بعلية
الوصف في الأصل، وقطع بوجودها في الفرع، ويشمل القياس
الأولى والقياس المساوي - كما سبق بيانه -.
أما القسم الثاني وهو: القياس الظني فهو: ما كانت إحدى
المقدمتين فيه أو كلتاهما ظنية، أي: أنا ظننا ظنا غالبا أن هذه هي
علَّة الأصل، وقطعنا بوجودها في الفرع، أو أنا ظننا أن هذه هي
علَّة الأصل، وظننا وجودها في الفرع - كما ذكرنا ذلك في تحرير
محل النزاع، وهذا هو المقصود بباب القياس مثل: قياس النبيذ على
الخمر بجامع الإسكار، وكقياس التفاح على البر بجامع الطعم.
وهذا التقسيم لا ينفي قول بعضهم: " إن القياس لا يكون إلا
ظنياً "، حيث إن مقصود هذا: أن القياس المختلف في حجيته لا
يكون إلا كذلك، فلم ينف وجود القياس القطعي، وإنما حصر
الخلاف في الظني.
والقياس القطعي قد اختلف في تسميته بذلك، فبعضهم سماه
بذلك، وبعضهم سماه بمفهوم الموافقة بقسميه، وبعضهم سماه،
بدلالة النص كما ذكرنا ذلك أثناء كلامنا عن المفهوم.