لقد علمت: أن القياس هو: إثبات مثل حكم أصل لفرع

لاشتراكهما في علَّة الحكم عند المثبت، فلا بد - إذن - من أربعة

أركان وهي: " الأصل "، و " الفرع "، و " العِلَّة "، و " الحكم ".

فالقياس إذن متوقف على مقدمتين هما:

المقدمة الأولى: أن يتأكد المجتهد أن الحكم في الأصل معلل بعِلَّة،

وأنها متعدية.

المقدمة الثانية: أن يتأكد أن تلك العِلَّة حاصلة بتمامها في الفرع.

فهنا ننظر إما أن تكون تلك المقدميتن قطعيتين، أو ظنيتين، أو

الأولى قطعية، والثانية ظنية، أو العكس، فهذه أربعة أقسام، إليك

بمانها:

القسم الأول: أن تكون المقدمتان قطعيتين، فهنا قد اتفق العلماء

على أن القياس حُجَّة يجب العمل به، وإن كان بعضهم لا يسميه

قياساً.

وهذا ينحصر في ست صور هي كما يلي:

الصورة الأولى: أن ينص على العِلَّة نصا صريحاً كقوله - صلى الله عليه وسلم -:

"إنما جعل الاستئذان من أجل البصر "،

فهنا نص على العِلَّة وهي: البصر أو النظر،

والاطلاع على أسرار الناس، ولذلك شرع

الحكم، وهو مشروعية الاستئذان، فيقاس على ذلك الاستماع،

ويمكن أن يمثل له بقوله - صلى الله عليه وسلم -:

"كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي من أجل الدافة ".

الصورة الثانية: إيماء النص إلى العلَّة كقوله - صلى الله عليه وسلم - في الهرة: " إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات "،

فهنا قد نبَّه النص على العِلَّة وهي: " كثرة التطواف وصعوبة التحرز منها "،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015