المطلب الثاني هل القياس دليل مستقل أو هو من فعل المجتهد؟

لقد اختلف في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أن القياس من فعل المجتهد، لا يتحقق إلا

بوجوده.

وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لما يلي من الأدلة:

الدليل الأول: قوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) .

وجه الدلالة: أن الاعتبار هو الإلحاق بعد النظر في وجوه الأدلة،

ولا شك أن ذلك من فعل المجتهد؛ يؤيده: أنه سبحانه أضاف

الاعتبار إلى ذوي العقول البصيرة، فقال: " فاعتبروا ... ".

الدليل الثاني: حديث معاذ - رضي اللَّه عنه - حيث قال له النبي

- صلى الله عليه وسلم -: "إن عرض عليك قضاء فبمَ تقضي؟ "

قال: بكتاب اللَّه، قال: " فإن لم تجد؟ "

قال: بسنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،

قال: " فإن

لم تجد؛ " قال: أجتهد رأيي، فصوبه النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وجه الدلالة: أنه أضاف الاجتهاد إلى رأيه هو، والقياس من

الرأي، فالقياس - إذن - يكون من فعل المجتهد.

الدليل الثالث: أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى

الأشعري كتابا جاء فيه: " الفهم فيما جاءك مما ليس في قرآن ولا

سُنَة، ثم قس الأمور عند ذلك ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015