لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن القياس من فعل المجتهد، لا يتحقق إلا
بوجوده.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لما يلي من الأدلة:
الدليل الأول: قوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) .
وجه الدلالة: أن الاعتبار هو الإلحاق بعد النظر في وجوه الأدلة،
ولا شك أن ذلك من فعل المجتهد؛ يؤيده: أنه سبحانه أضاف
الاعتبار إلى ذوي العقول البصيرة، فقال: " فاعتبروا ... ".
الدليل الثاني: حديث معاذ - رضي اللَّه عنه - حيث قال له النبي
- صلى الله عليه وسلم -: "إن عرض عليك قضاء فبمَ تقضي؟ "
قال: بكتاب اللَّه، قال: " فإن لم تجد؟ "
قال: بسنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
قال: " فإن
لم تجد؛ " قال: أجتهد رأيي، فصوبه النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وجه الدلالة: أنه أضاف الاجتهاد إلى رأيه هو، والقياس من
الرأي، فالقياس - إذن - يكون من فعل المجتهد.
الدليل الثالث: أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى
الأشعري كتابا جاء فيه: " الفهم فيما جاءك مما ليس في قرآن ولا
سُنَة، ثم قس الأمور عند ذلك ".