على ذلك ليست لفظية، بل معنوية، ومعروف: أن الدلالة اللفظية
أقوى من الدلالة المعنوية، فإذا كان القياس يخصص العام مع أن
دلالته على الأفراد لفظية وهي قوية، فمن باب أوْلى جواز تقييد
المطلق بالقياس.
المذهب الثاني: أن المطلق يحمل على المقيد عن طريق اللغة
واللفظ من غير حاجة إلى دليل آخر.
وهو مذهب بعض الحنابلة كأبي يعلى، وبعض العلماء.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن المطلق في باب الشهادة، كقوله تعالى:
(واستشهدوا شهيدين من رجالكم) ، قد حمل على المقيد الوارد
في قوله تعالى: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) ، ولذلك أجمع
العلماء على اعتبار العدالة في جميع الشهود، ومنها شهود المداينة
مع أنه أطلق فيها هاهنا.
والجامع: تقديم المقيد الذي هو كالخاص على المطلق الذي هو
كالعام.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: لا نُسَلِّمُ أن ذلك التقييد بحسب اللفظ، من غير
دليل، بل هو بدليل وهو الإجماع والنص، وهو قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) ، والقياس على
الموضع الذي نص فيه على العدالة بجامع حصول الثقة بقولهم.