أولهما: إجماع الصحابة ومن بعدهم من السلف والخلف - كما

سبق بيانه -.

ثانيهما: أن الحاكي - وهو الصحابي - عربي فصيح عارف

بدلالات الألفاظ، فهذا يبعد عنه احتمال أن يفهم ما ليس عاما أنه

عام حتى يحكيه بصيغة العموم.

وكذلك هو - أي: الحاكي وهو الصحابي - قد شهد اللَّه له

ورسوله بالعدالة، فهو ذو ورع ودين وتقوى، وهذا كله يمنعه من

حكاية العموم، وهو غير متيقن له، لأنه يعلم أن ذلك يوقع الناس

في لبس دمابهام.

وعلى فرض أن هذا الراوي الصحابي لم يقطع بالعموم، فلا

يمكن أن ينقل ما يقتضي العموم إلا وقد ظهر له العموم، والغالب

إصابته فيما ظنه ظاهراً وراجحاً، والعمل - بالغالب الظاهر واجب،

فيجب العمل بما ظهر منه، ومهما ظن صدق الراوي فيما نقله عن

النبي - صلى الله عليه وسلم - وجب اتباعه.

بيان نوع الخلاف:

الخلاف معنوي، بيان ذلك: أن أصحاب المذهبين قد اتفقا على

أن النهي عن المزابنة، والمخابرة، والمحاقلة، والمنابذة، والملامسة،

والغرر، والأمر بوضع الجوائح، والقضاء بالشفعة فيما لم يقسم

- إلى آخر ذلك عام وشامل للأشخاص الذين نهوا، وأمروا،

وقضي في حقهم ولمن جاء بعدهم ممن شابههم.

ولكن اختلفوا في طريق ذلك: فأصحاب المذهب الأول قالوا:

استفدنا ذلك العموم عن طريق لفظ الصحابي ونصه، أما أصحاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015