لقد قلنا: إن للعموم صيغاً مستعملة فيه تدل عليه، وهي تلك
الصيغ التي ذكرناها، لكن هل إفادتها للعموم ظنية، أو قطعية؛
أي: هل تلك الألفاظ والصيغ تدل على العموم مع احتمال أن
المقصود بها الخصوص، أو أنها تدل على العموم مع عدم احتمال
الخصوص؟
اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن دلالة العام ظنية، أي: أن تلك الصيغ
والألفاظ تدل على العموم والخصوص، لكن دلالتها على العموم
أرجح من دلالتها على الخصوص.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق عندي؛ لأن هذه الصيغ
تستعمل للعموم كما سبق الاستدلال عليه - ومع ذلك فقد كثر
إطلاقها وإرادة الخصوص كثرة لا تحصى حتى اشتهر قولهم: " ما من
عام إلا وقد خصِّص " إلا قوله تعالى: (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ،
واستعمال تلك الألفاظ والصيغ في الخصوص كثيراً تجعل دلالتها على
العموم ظنية؛ لأن احتمال إرادة الخصوص بها وارد وثابت بدليل،
وهو ما سبق.
المذهب الثاني: أن دلالة العام قطعية، أي: أن تلك الصيغ
والألفاظ تدل على العموم دلالة قطعية، فلا يحتمل الخصوص.
وهو مذهب أكثر. الحنفية.