المطلب التاسع الفعل المتعدي إلى مفعول هل له عموم
بالنسبة إلى مفعولاته أو لا؟
المسألة مفروضة فيما إذا كان الفعل متعديا، ولم يذكر مفعوله،
ووقع الفعل في سياق النفي كقوله: " والله لا آكل "، أو وقع في
سياق الشرط كقوله: " إن أكلت فأنتِ طالق "، فهل يكون هذا
عاما في جميع المأكولات أو لا؟
اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه يكون عاماً في جميع المأكولات، وإذا كان
كذلك فإنه يقبل التخصيص؛ حيث إنه: إن نوى المتكلم مأكولاً
معيناً، فإنه لا يحنث بأكل غيره.
وهذا مذهب جمهور العلماء وهو الحق، للأدلة التالية:
الدليل الأول: أن الفعل من باب النكرة، والنكرة إذا وقعت في
سياق النفي فإنها تعم، كذلك الفعل إذا وقع في سياق الشرط فإنه
يعم، وقد سبق أنهما - أي: أن النكرة في سياق النفي،
والشروط - من صيغ العموم، إذن الفعل في سياق النفي، والشرط
عام، ومتى ثبت عمومه فإنه يقبل التخصيص.
الدليل الثاني: أن الفعل المنفي في قوله: " والله لا آكل " يقصد
منه نفي الماهية، والماهية - كما قلنا سابقاً - لا تنتفي إلا بانتفاء
جميع أفرادها، حيث إنه لو بقي فرد لتحققت الماهية فيه، فيكون
اللفظ - على هذا - عام، والعام يقبل التخصيص.