أما لو كانت للخصوص، فإنه لا يلزم من استعمال ذلك هذا

المحذور، فكان جعله حقيقة في الخصوص أوْلى.

جوابه:

لا نسلِّم لزوم الكذب فيما ذكرتموه من الأمثلة؛ لأنه يجوز أن يراد

بها الخصوص بقرينة العقل، والعقل من المخصصات المعروفة، فلا

يمكن عقلاً أن يرى جميع العباد، أو أن يطوف جميع البلاد،

وهكذا.

وحينئذٍ لا يلزم الكذب؛ لأن إرادة المجاز من اللفظ الصالح له

ليس بكذب، ولو قلنا: إن هذا كذب للزم أن يكون قول القائل:

"رأيت حماراً " - عندما رأى بليداً - أن يكون ذلك كذباً، وهذا لم

يقله أحد.

المذهب الرابع: التوقف، بمعنى: إنا لا ندري أن تلك الصيغ

حقيقة في العموم مجاز في الخصوص، أو العكس، وهو أنه حقيقة

في الخصوص مجاز في العموم.

وهو مذهب حكي عن أبي الحسن الأشعري، وأبي بكر الباقلاني.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: أن كون تلك الصيغ موضوعة للعموم، أو

للخصوص إما أن يعلم عن طريق العقل، أو عن طريق النقل،

وهذا كله باطل، بيان ذلك:

إن زعمتم، أن العقل هو الذي أثبت أن تلك الصيغ للعموم أو

للخصوص، فهذا باطل؛ لأن العقل لا مدخل له في اللغات؛

وذلك لأن اللغات لا تثبت إلا بالنقل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015