العموم، فإن وجدوا المخصص أخذوا به، وإن لم يجدوا: أجروها
على أصلها وعلى حقيقتها، وهو العموم، وكانوا يفعلون ذلك دون
أن ينكر بعضهم على بعض، فكان إجماعا سكوتيا منهم على أن
تلك الصيغ والألفاظ دلَّت بالوضع على العموم، وفعل الصحابة
ذلك عن طريق وقائع وقعت لهم، وإليك أمثلة لذلك:
منها: أنهم عملوا على أن قوله تعالى: (والسارق والسارقة) ،
وقوله: (الزانية والزاني) يفيد العموم بسبب وجود المفرد المحلى
بأل الاستغراقية، فعملوا على أن جميع السارقين، وجميع السارقات،
وجميع الزناة والزانيات يعاقبون بالعقاب الوارد في الآيات، دون
نكير من أحد.
ومنها: أنهم تمسكوا بقوله عليه السلام:
" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللَّه "
على عدم جواز قتال مانعي الزكاة حتى
روى لهم أبو بكر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلا بحقها "، حيث إنه استثناء، والاستثناء يدل على أن المستثنى منه عام.
ومنها: احتجاج أبي بكر - رضي اللَّه عنه - على الأنصار لما
قالوا: " منا أمير ومنكم أمير " بقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"الأئمة من قريش ".
والكل سلموا له هذا الاحتجاج، ولم ينكر عليه أحد.
ومنها: احتجاج علي - رضي اللَّه عنه - بقوله تعالى:
(وأن تجمعوا بين الأختين) على تحريم الجمع بين الأختين، ولولا أن المثنى
المعرف بـ " أل " يفيد العموم لما صح هذا، أي: أنه يحرم الجمع بين
الأختين، سواء كانتا حرتين أو أمَتين.
ومنها: أنه لما نزل قوله تعالى: