فقوله تعالى: (أقيموا الصلاة) ، فإن كل فرد يجب أن يصلي
الظهر أربع ركعات، سواء كان رئيس القبيلة أو غيره.
الدليل الثاني: أن العموم لغة هو شمول أمر واحد لمتعدد،
والمتبادر من الوحدة: الوحدة الشخصية، والمعاني ليست مشخصة،
فلا توصف بالعموم، وإنما يوصف به ما يتحقق فيه الشخص وهو
اللفظ، فإذا وصف المعنى بالعموم كان مجازاً.
المذهب الثاني: أن العموم من عوارض المعاني حقيقة، وهو
اختيار ابن الحاجب.
دليل هذا المذهب:
أنه ورد استعمال العموم في المعاني كقولهم: " عم الخليفة الناس
بالعطاء "، و " عمهم المطر "، و " عمهم القحط "، و " هذا عطاء
عام " ونحو ذلك، وهذا قد شاع وذاع في لسان أهل اللغة،
والأصل في الاستعمال الحقيقة.
جوابه:
إنا لو قلنا: إن استعمال العموم في المعاني استعمالاً حقيقياً، مع
قولنا: إن العموم من عوارض الألفاظ حقيقة للزم من ذلك أن يكون
العموم مشتركاً لفظيا بين الألفاظ والمعاني، والاشتراك خلاف
الأصل، لكن لو قلنا: إن العموم من عوارض المعاني مجازاً، فإنا
نكون قد تخلصنا من الاشتراك.
فإن قلت: إن المجاز أيضاً خلاف الأصل - كما سبق -.
أقول: إن المجاز مقدم على المشترك، فهو أوْلى أن يقال به.
والدليل على أن العموم من عوارض المعاني مجازاً: ما قلناه
- فيما سبق - من أن لازم العام: أن يكون اللفظ واحداً متناولاً
لجميع الأفراد بنسب متساوية.