على الوجوب، ولا يلزم من العمل بما هو أقوى العمل بما هو
أضعف، ولذلك يقول عليه السلام: " ما اجتمع الحلال والحرام إلا
غلب الحرام الحلال ".
الوجه الثاني: أن الأصل في الأشياء العدم، فالقول بأن النهي
بعد الأمر يقتضي التحريم فيه عمل بالأصل.
الوجه الثالث: أن الشارع قد اعتنى بدرء المفاسد أشد من عنايته
من جلب المنافع والمصالح، فالقول بأن النهي بعد الأمر للتحريم فيه
عمل بهذا الأصل.
المذهب الثاني: أن - صيغة النهي الواردة بعذ الأمر تقتضي الإباحة
- مثل: صيغة الأمر الواردة بعد النهي؛ حيث قلنا: إنها تقتضي
الإباحة.
دليل هذا المذهب:
أن تقدم الأمر على النهي يعتبر قرينة على أن الفعل مأذون فيه،
وليس ممنوعاً، وبذلك تكون صيغة النهي ليس مراداً منها - حقيقتها،
بل تكون مجازاً في الإباحة لهذه القرينة.
جوابه:
إن هذا الدليل يفهم منه قياس " النهي الوارد بعد الأمر " على
"الأمر الوارد بعد النهي "، وهذا لا يصح؛ لأن النهي الوارد بعد
الأمر يختلف عن الأمر الوارد بعد النهي، فلو قال السيد لعبده: "لا
تدخل هذه الدار "، ثم قال له: " ادخلها " هذا يعتبر إذنا بالدخول
بعد أن حرم عليه الدخول.
بخلاف ما لو قال له: " ادخل هذه الدار "، ثم قال له: " لا تدخلها "، فإنه يعتبر تحريما بعد وجوب.