متردداً بين التحريم والكراهة على السواء، ولا يتبادر منه واحد منهما
بخصوصه عند الإطلاق، وهذا لم يحصل؛ لأن اللفظ عند إطلاقه
يتبادر منه التحريم، فيكون حقيقة فيه؛ لأن الحقيقة هي التي تتبادر
في الذهن وتسبق إليه.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا معنوي وهو ظاهر.
فأصحاب المذهب الأول يقولون: إن الوعيد على فعل المنهي عنه
مستفاد من نفس صيغة " لا تفعل "، فيعاقب على فعل المنهي عنه
بدون قرائن.
أما أصحاب المذهب الثاني، والثالث، والرابع، فإنهم يقولون:
إن الوعيد على فعل المنهي عنه لا يستفاد من نفس الصيغة وهي:
" لا تفعل "، وإنما هو مستفاد من قرائن احتفت بالصيغة، فلا يجوز
للناهي أن يعاقب المنهي على فعل الشيء المنهي عنه إلا بدليل وقرينة.
فمثلاً قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"ولا يبع بعضكم على بيع بعض "،
فإن النهي هنا للتحريم ابتداء عند أصحاب المذهب الأول،
ولا يصرف عنه إلى غيره إلا بقرينة.
ويكون النهي للكراهة ابتداء عند أصحاب المذهب الثاني، ولا
يصرف عنه إلى غيره إلا بقرينة.
وكان عند بقية المذاهب مجملاً لا يحمل على التحريم ولا على
الكراهة إلا بقرينة.
وكذلك قوله تعالى: (ولا يغتب بعضكم بعضا) تقول فيه كما
سبق، وقل ذلك في كل نهي ورد مطلقا.