لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن النهي له صيغة موضوعة في اللغة تدل بمجردها
عليه، وهي: " لا تفعل ".
وهو مذهب كثير من العلماء وهو الحق عندي؛ لدليلين:
الدليل الأول: إجماع أهل اللغة على أن للنهي صيغة وهي: " لا
تفعل "، بيانه:
أن السيد لو قال لعبده: " لا تدخل هذه الدار "، فإنه يعقل منه
كفه عن الدخول، وإذا دخلها فإنه يستحق العقوبة، ولو رآه العقلاء
من أهل اللغة وهو يعاقبه، وسألوه عن سبب معاقبته وقال: إني
أعاقبه؛ لأنه عصاني: فقد نهيته عن دخول الدار بقولي: " لا
تدخل هذه الدار " فدخلها: لوافقوه على أن العبد قد استحق تلك
العقوبة، دون منكر لذلك، فكان هذا إجماعا منهم على أن ذلك
اللفظ وضمع للنهي.
الدليل الثاني: أن أهل اللغة قد قسموا الكلام إلى: " أمر "،
و"نهي "، و " خبر "، و " استخبار "، وجعلوا للأمر: " افعل "،
وجعلوا للنهي: " لا تفعل "، وللخبر: " قد فعلت "،
وللاستخبار " هل فعلت؟ ".
المذهب الثاني: أنه لا صيغة للنهي في اللغة، وإنما صيغة "