المطلب التاسع عشر هل يجوز الأمر من اللَّه تعالى بما يعلم أن المكلَّف
لا يتمكن من فعله؟
مثل: إذا أمر اللَّه تعالى عبده بالحج هذا العام، وهو يعلم أن هذا
المأمور يموت في شوال - أي قبل الحج - فهل يجوز ذلك؟
اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه يجوز الأمر من اللَّه تعالى بما يعلم أن المكلَّف
لا يتمكن من فعل المأمور به.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لأن الأمَّة مجمعة على
أن الصبي إذا بلغ فإنه يجب عليه أن يعلم ويعتقد كونه مأموراً بشرائع
الإسلام منهياً عن الزنا والسرقة والقتل في الحال، فإذا عزم على
فعل المأمور بها، وعزم على ترك المنهي عنها: يكون مثابا على ذلك
متقربا إلى اللَّه بذلك، وإن لم يحضره وقت صلاة أو زكاة، ولا
حضر من يمكن قتله، أو الزنا بها، أو مال تمكن سرقته، ولكن
يعلم نفسه أنه مأمور ومنهي بشرط التمكن؛ لأنه جاهل بعواتب
أمره، وعلمه بأن اللَّه - تعالى - عالم بعاقبة أمره، وأنه لا يتمكن
من فعل المأمور به لا يدفع عنه وجوب هذا الاعتقاد.
المذهب الثاني: لا يجوز الأمر من الله - تعالى - بما يعلم أن
المكفَف لا يتمكن من فعل المأمور به.
وهو مذهب المعتزلة.