لطفله على طفل غيره شيئاً -: " طالب بحقه "، ويقول للمدعي
عليه - إذا عرف أنه لا شيء على طفله -: " لا تطعه ومانعه "،
ولا يعد ذلك مناقضة في كلامه، ولو كان الأمر بالأمر بالشيء أمراً
لذلك الغير لوقع التناقض.
وكذلك يحسن أن يقول السيد لعبده سالم: " مر غانما بكذا "،
ويقول لغانم: " لا تطعه "، ولا يعتبر ذلك مناقضة في كلامه، ولو
كان ذلك أمراً لغانم لكان كانه قال: " أوجبت عليك طاعتي ولا
تطعني " وهو ظاهر التناقض.
المذهب الثاني: أن الأمر بالأمر بالشيء أمر بذلك الشيء من الآمر
الأول.
أي: أن الأمر المتعلق بأمر المكلف لغيره بفعل من الأفعال يكون
أمراً لذلك الغير بذلك الفعل، وهو مذهب بعض العلماء.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن نافعا قد روى عن عبد اللَّه بن عمر أنه طلق
امرأته وهي حائض، فسأل عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال له: " مره فليراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله
أن يطلق لها النساء ".
وجه الدلالة: أن العلماء أجمعوا على أن ذلك كان واجبا على
ابن عمر مع أن الأمر ورد إليه من أبيه عمر الذي كان مأموراً من قبل
الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فهذا يدل على أن الأمر بالأمر بالشيء هو أمر بذلك الشيء، وإلا: لما وجب على ابن عمر ذلك.