الدليل الثاني: أن القضاء يجب بأمر جديد - كما هو مذهب أكثر
العلماء، كما قلنا سابقا - وإذا كان الأمر كذلك فلا دلالة للأمر على
امتناع التكليف بمثل فعل ما أمر به، فلا يكون الأمر مقتضيا له.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: أنا لا نُسَلِّمُ أن القضاء يجب بأمر جديد - كما هو
مذهبنا كما سبق بيانه - حيث إننا قد صححنا: أن القضاء يجب
بالأمر السابق، ولا يحتاج إلى أمر جديد.
الجواب الثاني: إن سلمنا صحة أن القضاء يجب بأمر جديد، فإن
القضاء إنما سمي بذلك، لأنا نقضي العبادة التي فات وقتها، ولم
نفعلها، لذلك قلنا في حقيقة القضاء: " إنه فعل الشيء بعد خروج
وقته شرعاً "، وقد سبق بيانه، وهذا هو الذي نتفق معكم على
تسميته قضاء، فإن لم يكن كذلك فلا يمكن أن نسميه قضاء.
أما إذا وقع الفعل صحيحا لا خلل فيه ثم فعل مرة أخرى، فلا
يُسمى ذلك قضاء.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا لفظي، لأنه إن كان المراد لزوم الإتيان بمثله فهي
مسألة: " الأمر المعلق يقتضي التكرار "، والخلاف فيها كما سبق،
وعلى هذا فالأول يجزئ عن الآخر.
وإن كان المراد: أن الفعل الأول فيه خلل ولم يقع الموقع فهو غير
مجزئ، ويجب القضاء بالاتفاق.