الدليل الثاني: أن المأمور بفعل شيء وفعله على الوجه المشروع إذا
قيل له: " هل فعلت ما أمرت به؟ " حسن أن يقول: " نعم
فعلت " ويكون خبره صدقا، فلو كان امتثال الأمر لا يحصل به
الإجزاء وليس مسقطا للقضاء لكان خبره غير صدق.
الدليل الثالث: أنه لو كان امتثال الأمر لا يحصل به الإجزاء ولا
بسقط القضاء ولا يخرج عن العهدة: للزم من ذلك الامتثال طول
عمرة: فمثلاً: لو قال: " صم " فامتثل المأمور وصام يوما واحداً
- كما اقتضت صيغة الأمر:: فإنه - مع الامتثال - يجب القضاء؛
حيث إن الأمر لا زال متوجها إليه بصوم يوم كما كان متوجهاً إليه
قبل الامتثال، فيكون فعل المأمور به لازما له طول عمره، وهذا
خلاف ما أجمع عليه العلماء.
المذهب الثاني: أن امتثال الأمر لا يمنع من وجوب القضاء،
فامتثال الأمر لا يسقط القضاء.
وهو مذهب بعض المعتزلة كالقاضي عبد الجبار بن أحمد، وأبي
هاشم..
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: إن قولنا: " يجزئه " معناه: أنه لا يجب عليه
القضاء، وقد علمنا أنه غير ممتنع أن يأمر الحكيم بفعل من الأفعال،
ويقول: إذا فعلتموه فقد فعلتم الواجب، واستحققتم الثواب،
وعليكم القضاء، وهناك أمثلة في الشرع تؤيد ذلك، ومنها:
1 - أن المسلم إذا فسد حجه فإنه مأمور بأن يكمله ويمضى فيه،
مع أنه يجب عليه قضاؤه في السنة القادمة.
2 - أن المسلم قد أمر أن يصلي بغير طهارة إذا عدم الماء والتراب،
ثم يجب قضاء تلك الصلاة إذا وجد الماء أو التراب.