ولا يجوز أن يقال: إنه وضع لكل واحد منهما حقيقة؛ لأن هذا يلزم
منه أن يكون الأمر المطلق مشتركا لفظياً، والاشتراك خلاف الأصل،
وتخلصاً من ذلك فإنه يقال: إن اللفظ - وهو لفظ الأمر المطلق -
وضع للقدر المشترك بينهما، وهو طلب الماهية.
جوابه:
إذا كان الأمر المطلق وضع للقدر المشترك وهو طلب الماهية - كما
زعمتم - فإنه يلزم من هذا: أنه إذا استعمل في المرة الواحدة، أو
التكرار يكون عن طريق المجاز؛ لأنه استعمال له في غير ما وضع
له، وينتج من ذلك: تكثير المجاز، وهو خلاف الأصل.
فوجب القول بأنه حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر؛ تقليلاً
للمجاز بقدر الإمكان.
ونظراً لقوة أدلتنا على أن الأمر المطلق يقتضي المرة الواحدة،
وضعف أدلة القائلين: إن الأمر يقتضي التكرار - كما سبق بيانه -
فإن لفظ الأمر المطلق يقتضي المرة الواحدة حقيقة، ولا يحمل على
أنه يقتضي التكرار إلا بقرينة، فيكون مجازاً فيه.
الدليل الثاني: أنه يحسن السؤال من المأمور بهذه الصيغة، فإذا
قال السيد لعبده: " قم "، فإنه يحسن من العبد أن يسأل ويقول:
ماذا تريد بأمرك هذا؛ هل تريد فعل المأمور به مرة، أو فعله أكثر من
مرة؛ فهذا الاستفسار يدل على أنه لا يفهم من الصيغة المرة الواحدة ولا
التكرار، بل لا يفهم منها إلا طلب الماهية.
جوابه:
إن السؤال والاستفسار قد استحسن هنا طلبا لتأكيد العلم أو الظن:
-