الكريم، من ذلك قوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا اللَّه لفسدتا)
وينبغي أن يضم إليها: " ومعلوم أنهما لم تفسدا "، وترك ذلك
للعلم به - ووضوحه.
السبب الثالث: أن يهمل المناظر إحدى المقدمتين للتلبيس على
الخصم، وذلك يكون بترك المقدمة التي يعسر إثباتها ويندر أمثالها،
أو ينازعه الخصم في تلك المقدمة، وذلك استغفالاً للخصم، فخشي
المستدل أن يصرح بتلك المقدمة فيتنبه ذهن خصمه فينازعه فيها.
مثال ذلك: قولك: " فلان خائن في حقك "، فيقول خصمك:
ولِمَ؟ فتقول: " لأنه كان يناجي عدوك "، وتمامه: أن يقال: "كل
من يناجي العدو فهو عدو، وهذا يناجي العدو، فهو إذاً عدو "،
لكن لو صرح به لتنبه ذهن الخصم بأن مناجاة العدو لا يلزم منها
الخيانة، فقد يحتمل أنه أراد بمناجاته نصيحته، أو غير ذلك.
مثال آخر: قولهم: " نكاح الشغار فاسد، لأنه منهي عنه "،
وتمامه أن يقال: " كل منهي عنه فهو فاسد، والشغار منهي عنه،
فهو إذاً فاسد "، ولكن لو صرح المستدل بهذه المقدمة الكبرى لتنبه
الخصم لها؛ لأنها موضع النزاع.