المذهب الثاني: أن الاستقراء ليس بحُجَّة، فلا يفيد الحكم قطعا
ولا ظنا، وهو مذهب فخر الدين الرازي وبعض العلماء.
دليل هذا المذهب:
أنه يجوز اختلاف الجزئيات في الأحكام، واستقراء بعض
الجزئيات - وإن كثرت - وترك بعض الجزئيات الآخر يعتبر استقراء
جزئي، لا يثبت ذلك الحكم في الباقي المتروك؛ نظرا لجواز أن
يكون حكم الأجزاء التي لم تستقرأ مخالفا لما استقرئ، فينتج: أن
الحكم على الباقي بواسطة هذا الاستقراء باطل.
جوابه:
إن هذا الاحتمال الذي ذكرتموه هو الذي جعلنا نقول: إن
الاستقراء الناقص يفيد الحكم ظنا؛ إذ لولا هذا لقلنا: إنه يفيده
قطعا، فالباقي الذي لم يستقرأ قليل، والذي تم استقراؤه كثير،
والقليل النادر ملحق بالغالب الكثير - كما قلنا - فهذا يوجد ظنا عند
المجتهد بأن حكم الباقي يماثل حكم ما استقرئ، فنحن نظرنا إليه من
هذه الحيثية.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا معنوي، حيث إنه انبنى على اعتماد الاستقراء وكونه
حُجَّة خلاف في بعض الفروع، منها:
1 - أن أكثر مدة النفاس ستون يوما، وهو مذهب الإمام الشافعي
وكثير من أصحابه، ودليلهم: الاستقراء؛ حيث إنه قد وجد - بعد
الاستقراء والتتبع - أن بعض النساء يرين النفاس هذه المدة،
والاعتماد في هذا الباب على الوجود.