وأما قوله: (ونهى عن إتيان الكُهان) .
فالكهنة تلاميذ الشياطين يترقون إلى الجو الأعلى، يسترقون السمع من الملكوت، إذا حدثت الملائكة بشيء قد أذن الله فيه، وهو كائن في الأرض عن قريب، فيفشون الخبر في السماء إلى وقت الظهور على الأرض.
فهؤلاء الكهان قد ألفوا الشياطين ووزروهم على دعوى علم الغيب، وقد خزن الله تعالى غيبه من العباد، فقال تعاى: (وَلِلَهِ غَيبُ السَمَواتِ وَالأَرضِ) ولا يعلم الغيب إلا الله، وإذا أظهره في السموات على أفواه الملائكة، بارزته الشياطين فاسترقت، ومرت به إلى الأرض، فأدته إلى تلامذتها من الآدميين ليخبر به ناسا، يريد بذلك إبطال ما تفرد الله به من علم الغيب وخزنه عن الخلق إثباتا للوحي وتأكيدا لشأنه.
فالكاهن يرجم بالغيب عن في شيطان، فهو رسوله، ويزيد فيه من الكذب غير قليل، يروج ذلك كله بالكلمة الواحدة المسترقة التي تظهر في وقتها في الأرض. ومن أجل ذلك جعل الكواكب حرسا للسماء، وجعلها رجوما للشياطين، فقال: (إِنّا زَيَنَّا السَماءَ الدُنيا بِزِينَةٍ الكَواكِب) ، إلى قوله: (ثاقِب) ؛ فالخطفة هي الإستراق، والشهاب رجم الكواكب