الآدميين، وتلظت فتنتهم. وقد روى حديث يحيى بن زكريا عليه السلام حين سأل إبليس: ما هذه الأكواز الصغار التى علقتها على وسطك؟ قال: فيها شهوات بنى آدم، فأنا أذيقهم إياها واحدا واحدا، حتى آخذهم بواحدة منها.
وأما الصوت الذى يخرج من الأوثان، فذلك أصله من اللطف، أعلى له إبليس حظا من اللطف يومئذ فأعطى على الاستدراج، فهو بذلك يصوت في أجواف الأصنام، فسبى بها قلوبا خلت من التوحيد. وإذا خرجت الأصوات من كل ذى وتر مازج ما أعطى من اللطف بهذا الصوت حتى تفتن القلوب بذلك، وسبا نفوسهم الشهوانية.
وأهل التوحيد حشى توحيدهم بالفرح بالله، فلا يقدر العدو أن يسبى قلوبهم ونفوسهم بما عنده من الفرح.. ألا ترى إلى قوله تعالى: (وَلَكِنَ الله حَبَبَ إِليهِمُ الإِيمانَ وَزَيَنَهُ فِي قُلُوبِكُم، وَكَرِهَ إِلَيكُم الكُفرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصيان) . فإذا كانت المحبة والزينة في قلب، فذاك قلب محشو من الفرح بمولاه، وهو لا يعلم لغلبة الشهوات، وغلبة أفراح الدنيا، قد انكمش بما فيه من الفرح.. ألا ترى أنه إذا وعظ وذكر بالله كيف تدمع عيناه، وكيف يقع في العويل.
قال: وسمعت الجارود بن معاذ يقول لوكيع رحمه الله: أنت تصوم الدهر وتتعب، فمم سمنك هذا؟! من سرورى بالإسلام. فليست هذه البدانة من تربية أغذية الدنيا؛ فإذا فرح الإنسان بدن ولحم فكل فرح من فرح