الأشياء التي رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عنها، فإذا هي متفاوتة؛ فمنها نهى أدب، ومنها نهى تحريم. وقد جمعها الحديث كله، ولم نجد شيئا قد نهى عنه إلا بحق. وذلك أن ضرره راجع إلى بعده عن سبيل الهدى؛ فإن سبيل الهدى مستقيم إلى الله تعالى، ومن زاغ فإنما يزيغ عن الله تعالى؛ والاستقامة تقرب العبيد إلى الله، وأن الله - تبارك اسمه - دعا العباد إلى دار السلام وأعلمهم أنهم ملاقوه، وبعث رسوله عليه السلام؛ فقال: (قُل هَذِهِ سَبيلِى أَدعوا إِلى الله عَلى بَصَيرَةٍ أَنا وَمَن اِتَبَعَنَى) . فمن أجابه فعلا فقد أجابه، وإجابته اتباع رسوله فيما زجر عنه. وقال الله تعالى في تنزيله (وَمَا آَتاكُمُ الرَسُولُ فَخَذُوهُ، وَما نَهَاكُم عَنهُ فَانتَهُوا) .
فوجدنا النهى على ضربين: منه نهى تحريم تأديب، ومنه نهى تحريم. فمن ترك الأدب انحط عن درجته، ومن وثب على التحريم سقط في الهلكة.