وأما قوله: (ونهى عن الخضاب بالسواد) .
فهذا من أجل أنه غرر، فإن أراد أن يتزوج ولم يبيحه كان غررا ومن أجل أن الشيب وقار أكرم الله به إبراهيم عليه السلام ومن تبعه على ملته، فإذا شاب وغيره بالسواد فكأنه رفض تلك الكرامة وزينتها وحرم وقاره؛ لأنه يريد أن يتشبه بالحالة الأولى.
وهذا تأديب واختيار من النبي صلى الله عليه وسلم للأمة. ومن فعله لم يقع في النهي المأثوم، وقد كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يخضبان بالسواد، وقد فعله كثير من الصحابة، غلا أن الخضاب على الغالب الحمرة والصفرة، فقد زجر عن ذلك في وقته.
حدثنا أبي، حدثنا أبو نعيم، عن سفيان، عن أبي رباح، عن مجاهد، قال: أول من خضب بالسواد فرعون.
فهذا فعل الجبارين الذين يأنفون من الشيب، ويكرهون أن يكونوا في زي الضعفاء المشيخة. فأما عبد تذلل لله عبادة وعبودية، فإن خضب بالسواد ليتزين به عند أهله أو ليهيب العدو إذا خرج غازيا، فإن الشاب أنكى في العدو