إذا عرفنا ما تقدم فإن التعليم يجب أن ينطلق لتحقيق ذلك الهدف العظيم وأن تصطبغ جميع مواده بالعقيدة الإسلامية والخلق الإسلامية، وأن يكون المسؤلون عن التعليم من أكبر موظف إلى أصغر موظف ممن تحقق فيهم معاني: " لا إله إلا الله محمد رسول الله ".
ولقد ربط الله أعظم مفتاحين للمعرفة- القراءة أو الكتابة- باسمه الكريم في أول الآيات نزولاً على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، إيذاناً بوجوب الالتحام بين المعارف والعلوم التي يستطيع الإنسان أن يبلغها وبين عبادة الله سبحانه، بل وامتن على الإنسان بأن ما يعلمه إنما هو من فضله تعالى وكرمه لا من عند نفسه وذلك يستوجب شكر الله تعالى، قال عز وجل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} .
والحديد الذي ملأ الأرض ببأسه ومنافعه- في هذا العصر بما لم يعهد له نظير في التاريخ – فيما نعلم- ربطه الله بكتبه ورسله ونصر دينه، كما قال تعالى:
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} .
وقد كان يمثل لمنافع الحديد عند نزول الآية الكريمة بالقصعة والإبرة والفأس ونحوهما، أما الآن فيصعب حصر أدوات منافعه، كما كان يمثل لبأسه بالسيف والدرع ونحوهما وأين ذلك من بأس الحديد الآن.
وفي الآية الكريمة فوق كونها من أصرح الآيات دلالة على ربط العلوم والمؤسسات والمصانع بألوهية الله تعالى فيها فوق ذلك معجزة عظيمة من معجزات القرآن الكريم لهذه الإشارة بكلمات قليلة مشتملة على كل ما يمكن أن يخطر بالبال من منافع الحديد وبأسه.