فما هو معنى هذا التوجيه المتقارب إلى علم الكلام، وإلى مثل مذهب ابن كلاب خاصة، في أقطار إسلامية مختلقة، وفي وقت واحدٍ، دون سابق اتفاق وتواطؤ؟

إن الإجابة عن هذا السؤال قد تقدم ذكرها، وهي: ضعف تلقي علوم السنة، الذي أدى على اللجوء إلى علم الكلام للرد على الشبه الاعتزالية.

ولا شك أن اكلابية: من أشعرية، وما تريدية، وغيرهم، قد نجحوا بما وافقوا فيه مذهب السلف في الرد على المعتزلة، مما زاد من اتساع مذهبهم، وتكثير عدد متبعيه. وخاصة أبو الحسن الأشعري، الذي كان في دار الخلافة (بغداد) ، وصاحب تآليف كثيرة، مع ما يتمتع به من سعة علمه بالكلام وقدرته على الجدل والمناظرة، ثم بما اشتهر عنه من رجوعه عن الاعتزال وقد كان رأساً فيه؛ كل ذلك ساعد على انتشار مذهبه، مع ما في مذهبه ذاته، وما في عصره من عوامل أخرى، أسهمت في ذلك أيضاً.

ويذكر القاضي عياض بن موسى اليحصبي المالكي (ت 544هـ) سبب ميل بعض المحدثين إلى عقيدة الأشعري، قائلاً في كتابه (ترتيب المدارك) عن الأشعري: ((فلما كثرت تواليفه، وانتفع بقوله، وظهر

لأهل الحدث والفقه ذبه عن السنن والدين، وتعلق بكتبه أهل السنة، وأخذوا عنه ودرسوا عليه، وتفقهوا في طريقه، وكثر طلبته وأتباعه، لتعلم تلك الطرق في الذب عن السنة، وبسط الحجج والأدلة في نصر الملة (?) .

اما شيخ الإسلام ابن تيمية (أحمد بن عبد الحليم بن عبد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015