الفصل الأول:
أثر المذاهب العقدية الكلامية على علوم السنة.
لقد سبق في حديثنا عن القرن الهجري الرابع، أنه من بداية هذا القرن ظهر تناقص الاهتمام بالعلوم النقلية (الكتاب والسنة) ، وتزايد الاهتمام بالعلوم العقلية (?) .
ولا يخفى على الدارسين للعلوم الإسلامية، أن بداية الترجمة لعلوم الأوائل (الفلسفة) أقدم من التاريخ المذكور آنفاً. بل إن عصر المأمون الخليفة العباسي (ت 218هـ) ليعبر بحق: أقوى عصور الترجمة، وأكثرها مبالغة في ذلك (?) .
ولئن أثنى بعض المؤلفين على المأمون العباسي بذلك، واعتبروا قيامه بهذا الأمر أعظم منقبةٍ له، فقد ذمه آخرون بذلك، وعابوا عليه تصرفه هذا!!
وهذا إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني (ت 478هـ) ، وهو من أئمة المتكلمين ومن علماء المسلمين بالفلسفة، يصف إقبال المأمون على ترجمة كتب الفلاسفة بـ (الهفوة والزلل والمخطل) ! ويحمله وزر هذه السنة