وبعلوم أجنبية عنها، تشبع بها أولئك المصنفون.

فلما بلغ الأمر إلى هذا العصر، وقد قربت الساعة، وقل أهل السنة والجماعة، فكم هم؟ ‍وأين هم؟ ‍ازدادت غربت علوم السنة، وبعدت أفهام كثير من طلبة العلم من أهل عصري عن إدراك معاني مصطلحاتها. وصار كثير منهم إذا ابتغى الحق في مسائل علوم الحديث أخطأ طريقه، ورام غير سبيله، وهو صادق النية في ابتغائه ‍بسبب عدم العم بنشأة العم الذي يبحث فيه، وكيفية تطور مصطلحه عبر العصور، وبأسباب قوته في قرونه الأولى، وعوامل ضعفه بعد ذلك. ثم بسبب الجهل بمناهج المصنفات في علوم الحديث، وبالمؤثرات المؤدية إلى اختلاف تلك المناهج، وبالتعامل المنصف السليم مع كل واحد منها، وإنزال الأقوال والتنظير المبني عليه منزلة أصله ومنبعه. وأخيراً بسبب عدم وضوح الخطة التي يجب السير عليها لفهم المصطلح، وبخطواتها على التفصيل، حتى يمكن اقتفاؤها، وأسباب أخيار هذه الخطة دونما سواها على علوم السنة ‍‍

وبعد إذ حباني الله تعالى ـ له الحمد والمنة ـ بأن كنت من طلبة علم الحديث الشريف، وممن له شغف واشتغال به منذ نعومة أظفاري، وقطفت معه زهرة شبابي، وأنا خلال ذلك ويعلم الله ـ منكب على قراءته ودرسه، منصرف عن غيره به، عازف عن استعجال التصنيف فيه قبل أوان التصنيف، مع ما أراه من أبناء عصري وإخوان جيلي من التسارع إلى ذلك. وكنت أثناء تعلمي ـ ولم أزل في تلك الأثناء، لا خرجت منها ‍ـ قد وقفت على ذلك البحر المتلاطم، واخضم المتلاحم، من تلك الاختلافات في علوم الحديث، وذلك التباين في فهم مصطلحه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015