فيه واسطة؛ ثم إنهم هم أنفسهم ليس لهم شرف الصحبة، ولا نالهم تعديل من الله تعلى أو رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ثم بعد أن دبت الفتنة، (وركب الناس الصعب والذلول) ، كان لا بد من معرفة الواسطة المحذوفة في مرسل ذلك التابعي، للتوثق من ثقة تلك الواسطة، وذلك ـ بالطبع ـ بعد التوثق من ثقة ذلك التابعي نفسه الذي أرسل الحديث أولاً.

فكان هذا أول تطبيق عملي ظاهر لعلم الجرح والتعديل، وأول السؤال عن الإسناد، ورفض المراسيل. وذلك لظهور علتين اقتضت ذلك، هما علتا: رواية المجروح، والإرسال وعدم الإسناد (?) وفي الحقيقة، فإن علة الإرسال عائدة إلى العلة الأولى، لأن عدم قبول المرسل إنما كان، لا حتمال كون المحذوف مجروحاً.

وقد أرخ بداية نشوء هذين العلمين (علم الإسناد وعلم الجرح والعديل) من علوم الحديث، أحد أئمة التابعين، وهو محمد بن سيرين (ت 110هـ) ، عندما قال: ((لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا: سموا لنا رجالكم. فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر على أهل البدع فلا يؤخذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015