إلى عظيم إجلالي للعلماء، وجليل إعظامي لهم. وإلى شدة محبتي ـ والله ـ لهم، وتعلقي بسيرهم وأخبارهم وحالهم. وإلى إيماني بأن علمهم يجل عن الوزن، ولا يجوز فيه القياس، من مثلي وأشباهي. ولولا ذلك، لما استفدت فائدة، ولا عرفت الحق (بحمد الله تعالى) ، ولا بدأت سلوك مسالك طلبة العلم.

فلست في حاجةٍ بعد هذا التنبيه، إلى تكرير ديباجةٍ طويلة ثقيلة، عند كل نقد علمي موضوعي بناء (ولو كان هذا النقد خطأًَ في حقيقته) . تلك الديباجة التي تثقل البحوث: باملدائح الرنانة في المنتقد، وبالأيمان المغلظة على حسن النوايا. إلى درجة الغو في الممدوح، والإزراء من الناقد لنفسه، وإلى حد الإسفاف (أحياناً) والبعد عن أدب العلم وإنصاف الموضوعية، اللذين إنما قدم بتلك الديباجة الثقية لهما!! وكأن الأصل في الباحث الكذب وسوء الطوية، والأصل في القارىء الشك وسوء النية!!!

(فلماذا نخاف من النقد؟!) .

لننتقل بعد هذا، إلى عالمٍ مغربي آخر، لكنه من القرن الخامس الهجري، هو القاضي عياض بن موصى بن عياض السبتي المالكي (ت 544هـ) .

ولهذا الإمام تعرض واسع لأبوابٍ من علوم الحديث، في كتابين له، هما: ((الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع) ، ومقدمة كتابه (إكمال المعلم بفوائد مسلم، للمازري) .

إلا أن كتابه الأول (الإلماع) كتاب مختص: بأصول الرواية (طرق التحمل وحجيتها) ، وتقييد السماع (كألفاظ الأداء) ، وما يتعلق بذلك، وبعض الآداب وما شابهها. فليس في الكتاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015