المنهج النظري لفهم مصطلح الحديث
وبيان بطلان ما يخالفه
إن هذا الباب هو نتيجة واضحة لكل ما سبق، من تأريخ نشوء مصطلح الحديث على مدى القرون، ومن بيان قرون ارتقائه وقرون ضعفه، ومن بيان العوامل المؤثرة على ضعفه.
لقد تقدم في عرضنا التاريخي ذاك، أن القرن الثالث الهجري كان هو أزهى قرون السنة، والعصر الذهبي لها. وأن هذا القرن هو الذي اكتمل فيه تدوني السنة تدويناً كاملاً، فلم يبق من الروايات الشفهية غير المدونة لما بعده من القرون غير روايات الكذابين أو الغالطين. وأن هذا القرن أيضاً حوى أئمة الحديث، وأشهر أعيانه، وأساتذة نقاده، وصيارفة أهله عبر القرون. وأخيراً: أن هذا القرن قد صنفت فيه أمهات السنة، وجوامع الحديث، وأصول الآثار، التي هي عمدة أهل الحديث بعدهم، ودستور من لحق بهم، ومرجع من اقتفى أثرهم.
هذا مما سبق بسطه وبيانه (?) .
لقد كان القرن الثالث الهجري القرن الذي فاز بقطف الثمرة، وبقصب السبق، لجهود متواصلة مضنية من علماء الأمة، عبر القرن الأول والثاني، في حياطة السنة وخدمتها.