فأنا أعني بكفرة تطوير المصطلحات: (تغيير معاني المصطلحات عما كانت تعنيه عند أهل الاصطلاح، عمداً، لأي غرضٍ يظنه ذاك المغير حسناً) .

و (أهل الاصطلاح) : هم الذين أنشؤوا ذلك العلم، ووضعوا قواعده وضوابطه، وتواضعوا على أسماءٍ لأفراده (هي المصطلحات) ، وتمموا بناء علمهم. فلم يبق لمن جاء بعدهم إلا تلقي هذا العلم عنهم، وأخذ معاني مصطلحاته منهم، لفهم علمهم ويعي قولهم.

فإذا أقبل هذا الذي جاء بعدهم على علمهم بالتبديل، وبتغيير مدلولات المصطلحات، لا مع إعلان أن تلك المعاني الجديدة من عند نفسه وأنها اصطلاح خاص به، بل على أنها اصطلاح أهل الاصطلاح = فهل سيكون لنا طريق إلى فهم ذلك العلم، باعتماد كلام ذلك المبدل المغير؟!

فأعود مؤكداًَ: (فكرة تطوير المصطلحات) متعلقة بتغيير المعاني، مهما كان ذلك التغيير يسيراً، ومهما كان الغرض منه حسناً عند القائل به.

هذا الذي منه أحذر!

أما (تطوير) حدود المصطلحات ورسومها، تطوير ألفاظٍ لتلك التعاريف، لا يصل إلى تغيير مدلول المصطلح = فليس على هذا محظور، ولا هو من (فكرة تطوير المصطلحات) التي أحذر منها، بل هذا التطوير الذي يقصد إلى تحرير التعريفات بالجمع والمنع، أمر حسن في حدود ما لم يبلغ بنا إلى درجة التنطع والتكلف الذي يعانيه المناطقة، ونحن عنه في غنى. وحتى إن بلغ درجة التنطع والتكلف، فليس من (فكرة تطوير المصطلحات)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015