دخل عليكم في كل حديثٍ روي مخالفٍ الحديث الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإن قلتم: ثبت بخبر الصادقين، قلنا: فما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أولى عندنا أن يؤخذ أن يؤخذ به)) (?)
قال ابن قيم الجوزية معلقاًً على كلام الشافعي هذا، في (الصواعق المرسلة) : ((فقد نص ـ كما ترى ـ بأنه إذا رواه واحد عن واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، بصدق الراوي عندنا. ولا يناقض هذا نصه في (الرسالة) ، فإنه نفى هناك أن يكون العلم المستفاد منه مساوياً للعلم المستفاد من نص الكتاب وخبر التواتر، وهذا حق، فإن العلم يتفاوت في القوة والضعف)) (?) .
الوقفة الرابعة: أنه على افتراض أن قوله (حق في الظاهر) تساوي (الظن الموجب للعمل دون العلم) عند الأصوليين، فإن هذا يكون حكم (خبر الخاصة) بنفسه دون احتفافه بالقرائن.
وهذا هو الواجب أن نصير إليه، فيمالو أطلق الإمام الشافعي على (خبر الخاصة) أنه يفيد (الظن) ، فضلاً عن إطلاقه عليه أنه يفيد (الحق في الظاهر) . لأنه لو أطلق على (خبر الخاصة) غير المحتف بالقرائن، ولا يجوز غير هذا المحمل. لأنه كما قدمنا في الوقفة الثانية: أن من (خبر الخاصة) (المتواتر) و (خبر الواحد) المحتف بالقرائن، وهما عند الأصوليين يفيدان العلم، فأنى لا يفيدانه للشافعي؟!
ونرجع حينها إلى الفرق بين العبارتين المتحدتين في