والفارق بين كل تقسيم وآخر أن الواجب على صاحب كل تقسيم أن يستوعب أقسامه، دون أمثلته، وهذا ما وقع للشافعي.

فعندما تكلم عن الحجة، من حيث الحكم المستنبط منها، هل هو قطعي أم ظني؛ استوعب هذين القسمين. فمثل للحجة المفيدة لحكم قطعي: بنص الكتاب ونص السنة المجتمع عليها، لأنهما جمعا قطعية الثبوت

والدلالة. ومثل لحجة المفيدة لحكم ظني: بخبر خاصةٍ محتملٍ للتأويل لا يعرف إلا من جهة راوٍ واحد (حديث غريب) ، يشير بذلك إلى أنه ظني الدلالة والثبوت. فواضح من تمثيله أنه ترك: قطعي الثبوت ظني الدلالة، وقطعي الدلالة ظني الثبوت، وهما في الحقيقة مثالاان من أمثلة القسم الثاني عند الشافعي وهو الحجة المفيدة لحكمٍ غير مقطوع به.

إذن فلا يعني تقسيم الشافعي ذاك أن كل خبر خاصةٍ (آحادٍ) يفيد عنده (الظن) ، لأنه لم يقل ذلك، ولم يقل ما يدل على ذلك.

وقد تعقب ابن قيم الجوزية كلام الشافعي هذا بنحو ما ذكرنا، فقال في (الصواعق المرسلة) : ((فهذا نصه في خبرٍ يحتمل التأويل، ليس معه غير كونه خبر واحد، وهذا لا تنازع فيه، فإنه يحتمل سنداً ومتناً)) (?) .

الوقفة الثانية: أن (خبر الخاصة) عند الشافعي، كما عند جميع المحدثين، هو أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم كلها، ما سماه الأصوليون بـ (المتواتر) وما سموه بـ (الآحاد) . كما سبق إثباته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015