قد ذكرنا من دلائل الكتاب والسنة والإجماع والآثار والاعتبار ما دل على أن التشبه بهم في الجملة منهي عنه، وأن مخالفتهم في هديهم مشروع: إما إيجابا وإما ندبا بحسب المواضع، سواء كان الفعل مما قصد فاعله التشبه بهم أو لم يقصده، وكذلك ما أُمر به من مخالفتهم، وما نُهي عنه من مشابهتهم يعم ما إذا قصدت المشابهة لهم أو لم تقصد، فإنه لم يكن المسلمون يقصدون التشبه بهم فيها بل فيها ما لا يمكن القصد فيه، مثل بياض الشعر، وطول الشارب ونحوه، ثم اعلم أن أعمالهم ثلاثة أقسام:
قسم مشروع في ديننا، مع كونه كان مشروعا لهم أو لا نعلم أنه كان مشروعا لهم، لكنهم يفعلونه الآن.
وقسم كان مشروعا، ثم نسخه شرع القرآن.
وقسم لم يكن مشروعا بحال، وإنما هم أحدثوه.
وهذه الأقسام الثلاثة: إما أن تكون في العبادات المحضة، وإما في العادات المحضة، وإما أن تجمع العبادات والعادات، فهذه تسعة أقسام.
فأما القسم الأول: وهو ما كان مشروعا في الشريعتين، أو ما كان