استقبالها وقت الدعاء، ومن الناس من يستقبل وقت دعائه الجهة التي فيها الرجل الصالح، وهذا شرك وضلال، كما أن بعض الناس يمتنع أن يستدبر الجهة التي فيها [بعض مقدسيهم من الصالحين] وهو يستدبر الجهة التي فيها بيت الله وقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل ذلك من البدع.
كما أن مالكا وغيره كره لأهل المدينة كلما جاء أحدهم المسجد أن يدخل إلى قبره ويسلم عليه وعلى صاحبيه، وقال: إنما يكون ذلك إذا جاء أحدهم من سفر، أو أراد سفرا، ورخص بعضهم في السلام عليه إذا دخل المسجد للصلاة ونحوها.
وأما قصده دائما للصلاة والسلام، فما علمت أحدا رخص فيه؛ لأن ذلك نوع من اتخاذه عيدا، مع أنه يشرع لنا إذا دخلنا المسجد أن نقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته كما نقوله آخر صلاتنا، بل قد استحب ذلك لكل من دخل مكانا ليس فيه أحد أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فخاف مالك أن يكون فعل ذلك عند القبر كل ساعة اتخاذا له عيدا، وأيضا فإنه بدعة، فإن المهاجرين والأنصار قد كانوا يصلون في المسجد ولم يكونوا يأتون إلى القبر كل صلاة؛ وذلك لعلمهم بكراهته لذلك، مع أنهم يسلمون عليه عند دخولهم وخروجهم وفي التشهد كما كانوا يسلمون عليه في حياته، والمأثور عن ابن عمر يدل على ذلك: أنه كان إذا قدم من سفر أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فسلم وصلى عليه،