ممن فعلها فليسوا دونهم ولو كانوا دونهم فقد تنازع فيها أولو العلم، فيجب ردها إلى الله والرسول، وكتاب الله وسنة رسوله مع من تركها بلا شك، لا مع من رخص فيها.
ثم عامة المتقدمين الذين هم أفضل من المتأخرين مع من تركها، وما فيها من المفاسد التي يستغني بها العامة عن كثير من السنن حتى تجد كثيرا من العامة قد يحافظ عليها ما لا يحافظ على التراويح والصلوات الخمس، وينقص بسببها عنايتهم بالفرائض وغير ذلك، يعارض ما فيها من المنفعة، فإن فيها - أيضا - من مصير المعروف منكرا والمنكر معروفا وجهالة أكثر الناس بدين المرسلين، وانتشار البدع، ومسارقة الطبع إلى الانحلال من ربقة الاتباع، وفوات سلوك الصراط المستقيم، وذلك أن النفس فيها نوع من الكبر، فتحب أن تخرج عن العبودية والاتباع بحسب الإمكان.
كما قال أبو عثمان النيسابوري - رحمه الله -: "ما ترك أحد شيئا من السنة إلا لكبر في نفسه"، ثم هذا مظنة لغيره، فينسلخ القلب عن حقيقة اتباع الرسول، ويصير فيه من الكبر وضعف الإيمان ما يفسد عليه دينه أو يكاد، إلى غير ذلك من المفاسد التي لا يدركها إلا من استنارت بصيرته، وسلمت سريرته، حتى إن متبعها يصير في غاية من الجهالة، قد ضل سعيهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
وهذا كله مقرر في غير هذا الموضع، ومنها ما تقدم التنبيه عليه في أعياد أهل الكتاب من المفاسد التي توجد في كلا النوعين المحدثين: النوع الذي فيه مشابهة، والنوع الذي لا مشابهة فيه، والكلام في ذم البدع لما كان مقررا في غير هذا الموضع لم نطل النفس في تقريره، بل نذكر بعض أعيان هذه المواسم.