قطعا ما لا يجوز اعتقاده، فأقل أحواله إن لم يكن محرما أن يكون مكروها، وهذا سار في سائر البدع المحدثة، فظهر أن فعل البدع تناقض الاعتقادات الواجبة على الخلق، وتنازع الرسول ما جاء به عن الله - تعالى -، وتورث القلب نفاقا ولو كان خفيا، فمن تدبر هذا علم ما في البدع من السموم المضعفة للإيمان، ولهذا قيل: إن البدع مشتقة من الكفر، وهذا المعنى جار في كل البدع كالصلاة عند القبور، والذبح عند الأصنام، ونحو ذلك، وإن لم يكن الفاعل معتقدا للمزية، لكن نفس الفعل قد يكون مظنة للمزية.
فلو قيل هذا يعارض بأن هذه المواسم قد فعلها قوم من أولي العلم والفضل الصديقين فمن دونهم، وفيها فوائد يجدها الإنسان في قلبه من زوال آصار ذنوبه وإجابة دعوته، مع ما ينضم إلى ذلك من العمومات الدالة على فضل الصلاة والصيام.
قيل: لا ريب أن من فعلها متأولا مجتهدا أو مقلدا فله أجر على حسن قصده وعلى عمله من حيث ما فيه من المشروع، وما فيه من المبتدع مغفور له إذا كان في اجتهاده أو تقليده من المعذورين، وكذلك ما ذكر فيها من الفوائد كلها إنما حصلت لما اشتملت عليه من المشروع في جنسه كالصوم والذكر والقراءة والركوع السجود وحسن القصد في عبادة الله، وما اشتمل عليه من المكروه انتفى موجبه