قَالَ ابنُ القَيَّمِ رَحِمَهُ اللهُ في "مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ" (1/ 262): "وفيهِ تَنْبِيهٌ للعُلَماءِ عَلى سُلُوْكِ هَدْي الأنْبِيَاءِ وطَرِيقَتِهِم في التَّبْلِيغِ؛ مِنَ الصَّبْرِ والاحْتِمَالِ، ومُقَابَلَةِ إسَاءةِ النَّاسِ بالإحْسَانِ، والرِّفْقِ بِهِم، واسْتِجْلابِهِم إلى اللهِ بأحْسَنِ الطُّرُقِ، وبَذْلِ مَا يُمْكِنُ مِنَ النَّصِيحَةِ لَهُم؛ فإنَّهُ بذَلِكَ يَحْصُلُ لَهْم نَصِيبُهُم مِنَ هَذا الميرَاثِ العَظِيمِ قَدْرُهُ، الجَلِيلِ خَطَرُهُ" انْتَهَى.
* * *
ومَا أحْسَنَ مَا قَالَهُ الزَّرْنُوجِيَّ رَحِمَه اللهُ تَعَالَى في كِتَابِ "تَعْلِيمِ المُتَعَلِّمِ" (79):
"ويَنْبَغِي لطَالِبِ العِلْمِ أنْ لا يَخْتَارَ نَوْعَ العِلْمِ بنَفْسِهِ؛ بَلْ يفوِّضُ أمْرَه عَلى الأُسْتَاذِ، فإنَّ الأُسْتَاذَ قَدْ حَصَلَ لَهُ التَّجَارُبُ في ذَلِكَ فَكَانَ أعْرَفَ بِمَا يَنْبَغِي لِكُلِّ أحَدٍ ومَا يَلِيقُ بِطَبِيعَتِه.
وكَانَ الشَّيخُ بُرْهَانُ الدِّينِ يَقُوْلُ رَحِمَهُ اللهُ: كَانَ طَلَبَةُ العِلْمِ في الزَّمَنِ الأوَّلِ يُفَوِّضُوْنَ أمْرَهُم في التَّعَلُّمِ إلى أُسْتَاذِهِم، وكَانُوا يَصِلُوْنَ إلى مَقْصُوْدِهِم ومُرَادِهِم، والآنَ يَخْتَارُوْنَ بأنْفُسِهِم، فَلا يَحْصُلُ مَقْصُوْدُهُم مِنَ العِلْمِ والفِقْهِ" انْتَهَى.
* * *