ودع عَنْكَ مَا يُسَمَّى: (بالرِّجِيمِ) الَّذِي تَبَارَى في حَلَبَتِهِ أكْثَرُ أهْلِ زَمَانِنا مَا بَينَ: جَرِيح وطَرِيحٍ، وبَينَ كَالٍ ومُعْتَلٍّ؛ حَيثُ أخَذَ مِنْهُم مَآخِذَ وطَرَائِقَ شَتَّى: سَوَاءٌ في طَرِيقَةِ تَوْظِيفِهِ، أو تَنْوِيعِ أسْمائِهِ؛ حَتَّى إنَّه صَرَفَ كَثِيرًا مِنْ أهْلِ السِّمْنَةِ عَنِ الحِمْيَةِ الشَّرْعِيَّةِ، كَما أنَّ لَهُ مِنِ اسْمِهِ نَصِيبٌ، ونَعُوْذُ بالله مِنَ الشَّيطَانِ (الرَّجِيمِ)!
* * *
وقَدْ نَصَّ ابنُ قُدَامَةَ المَقْدِسيُّ في كِتَابِه "مُخْتَصَرِ مِنْهَاجِ القَاصِدِينَ" (177) عَلى طَرِيقَةِ تَنَاوُلِ الطَّعَامِ؛ إذْ يَقُوْلُ رَحِمهُ الله: "وطَرِيقُ الرِّيَاضَةِ في كَسْرِ شَهْوَةِ البَطْنِ أنَّ مَنْ تَعَوَّدَ اسْتِدَامَةَ الشِّبَعِ؛ فَيَنْبَغِي لَه أنْ يُقَلِّلَ مِنْ مَطْعَمِهِ يَسِيرًا يَسِيرًا مَعَ الزَّمَانِ إلى أنْ يَقِفَ عَلى حَدِّ التَّوَسُّطِ الَّذِي أشرْنَا إلَيهِ، وخَيرُ الأمُوْرِ أوْسَاطُها.
فالأوْلى تَنَاوُلُ مَا لا يَمْنَعُ مِنَ العِبَادَاتِ، ويَكُوْنُ سَببًا لبَقَاءِ القُوَّةِ، فَلا يُحِسُّ المُتَنَاوِلُ بجُوْعٍ ولا شِبَعٍ؛ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ البَدَنُ، وتَجْتَمِعُ الهِمَّةُ، ويَصْفُو الفِكْرُ، ومَتَى زَادَ الأكْلُ أوْرَثَهُ كَثْرَةَ النَّوْمِ، وبَلادَةَ الذِّهْنِ" انْتَهَى.
* * *