ثَانيًا: اعْلَمْ أنَّ فَهْمَ عُلُوْمِ الآلَةِ عَلَى قِسْمَينِ:

القِسْمُ الأوَّلُ: فَهْمٌ وَاجِب، وهُوَ مَا يَسْقُطُ بِه الطَّلَبُ وتَبْرَأُ بِه الذِّمَّةُ، وهُوَ القَدْرُ الَّذِي يَشْتَرِكُ فيهِ عَامَّةُ أهْلِ العِلْمِ، وهَذَا القِسْمُ لا يجوْزُ لطَالِبِ العِلْمِ القُصُوْرُ فيه ... كما أنَّه سِلاحُ طُلابِ العِلْمِ في التَّعَامُلِ مَعَ كُتُبِ أهْلِ العِلْمِ الفِقْهِيَّةِ مِنْهَا والعَقِيدَةِ والحَدِيثِ والتَّفْسِيرِ وغَيرِها، فبِهَذا القَدْرِ مِنْها يَسْتَطِيعُ مَعْرِفَةَ لُغَةِ واصْطِلاحِ القَوْمِ في فُنُوْنِهِم، ومَا زَادَ عَلَى هَذا الحَدِّ فَهُو فُضْلَةٌ لا يَحْتَاجُه إلَّا مَنْ رَامَ مَرَاتِبَ الاجْتِهَادِ!

القِسْمُ الثانِي: فَهْمٌ مُسْتَحَبٌّ، وهُو الإحَاطَةُ بَغَالِبِ عُلُوْمِ الآلَةِ المُخْتَصَرَاتِ مِنْها والمُطَوَّلاتِ؛ بِحَيثُ لا يَتْرُكُ مِنْها شَارِدَةً ولا وَارِدَةً إلَّا وَقَدْ أحَاطَ بِها في الجُمْلَةِ، وهَذا القِسْمُ في حَقِيقَتِه هُوَ مِنْ مَسَالِكِ طُلابِ مَنَازِلِ الاجْتِهَادِ، مِمَّنْ عَلَتْ هِمَّتُهُم وتَاقَتْ نُفُوْسُهُم لِيقِفُوا في مَصَافِ أئِمَّةِ الاجْتِهَادِ، كالأئِمَّةِ الأرْبَعَةِ وغَيرِهِم.

* * *

يَقُوْلُ ابنُ القَيَّمِ رَحِمَه اللهُ فيمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ والكَلامِ عَنْه، مَا ذَكَرَهُ في كِتَابِهِ "مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ" (1/ 485): "ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُوْلُ: إنَّ عُلُوْمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015