إن الغلو داء عضال وسرطان فتاك، يفسد العقيدة، ويهلك الشعوب، وما ذاك إلا لأنه تعدٍّ لما أمر الله به، وتجاوز للمشروع الذي شرعه الله، ولهذا حذر الله عباده من الغلو في الدين، والإفراط بالتعظيم، سواء بالاعتقاد أو القول أو الفعل، قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} 1.
أي لاَ تَتَعَدَّوْا ما حد الله لكم، وأهل الكتاب هنا: اليهود والنصارى، فنهاهم عن الغلو في الدين، وهذه الأمة كذلك، كما قال تعالى مخاطباً رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} 2.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" 3.
وحذر النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ المساجد على القبور، لأن عبادة الله عند قبور الصالحين وسيلة إلى عبادتهم، ولهذا لما ذكرت أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة في الحبشة فيها تصاوير قال: "إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصّور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة"4.