{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لا نْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} 1.
وامتن الله تبارك وتعالى على عباده المؤمنين ببعثة رسوله الكريم إليهم، وبما هو عليه من الخلق العظيم، فقال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} 2.
ولقد أمضى النبي صلى الله عليه وسلم حياته بمكة والمدينة وغيرهما، يدعو ويذكر وينذر في غاية من اللطف واللين، ويقصد نواديهم، يدعوهم إلى الهدى، ويتحمل منهم ألوان الأذى، ويزيد على ذلك فيقول: "رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" 3.
فهذا دَيْدنُهُ صلى الله عليه وسلم في دعوته، وأمره ونهيه، يا خذ بالرفق واللين، ولم يستعمل الغلظة والشدة، إلا حين لم يجد ذلك مع المخاطبين - مع تحقيق القدرة وانتفاء المفسدة - كما هو واضح من سيرته، وقد قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} 4.
فمن قرأ سيرته صلى الله عليه وسلم ولزم طريقته في دعوة أمته، كان أكمل الناس في متابعته، وأولاهم بوراثته، وأسعدهم بشفاعته، وأنصحهم لا مته، ولهذا لما كان صاحبه