بالكافرين (?)، {وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون} (?)، {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين} (?).
وأما دورهم في الجش فكان في مخالفة الأوامر، وبث الفتنة في الجيش والفرقة فيه. وعلى رأس هذه المخططات جميعا محاولة اغتيال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفوا بعد اسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم، وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير} (?) وأحبط الله تعالى مخططاتهم بإطلاع نبيه عليها حين هموا بما لم ينالوا ومع وضوح الجريمة الغادرة فلم تقم ضدهم عمليات قتل أو تصفية جسدية، حفاظا على السمعة العامة للجماعة المسلمة أن يقول الناس إن محمدا يقتل أصحابه، ومنعا لتكتل قد يظهر على الساحة فيجر بعض الموتورين وهم كثر ممن دخل في دين الله خوفا على مصلحته، وأما في المدينة فقد كانوا يخططون لافتتاح مركز خاص لهم يأوي إليه كل المنافقين وهو مسجد الضرار الذي وعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بافتتاحه والصلاة فيه بعد العودة من تبوك، وأطلع الله تعالى نبيه على الهدف من ذلك، فبعث من يحرق مسجد الضرار بمن فيه: {والذين اتخذا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون} (?).
وكانت آيات سورة براءة التي نزلت في المنافقين قرابة مائة آية أعنف حرب إعلامية عليهم، كشفت جميع مخططاتهم وعرتهم تعرية كاملة في المجتمع الإسلامي حتى كان الصحابة يطلقون عليها أسماء عديدة منها المخزية والفاضحة والمبعثرة واستطاعت هذه الحملة الناجحة أن تهزم معسكر النفاق، وتعيد الكثيرين منه إلى الصف الإسلامي الخالص، فيحسن إسلامهم وكان أكبر فاجعة نزلت بهم هي موت عبد الله بن أبي زعيمهم، وكي لا يفتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معركة مع أتباعه فيما بعد فصلى عليه واستغفر له وأعطاه كساءه وعاتب الله تعالى نبيه في ذلك بقوله: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون} (?).
وهذا الخط السياسي الذي اختاره النبي - صلى الله عليه وسلم - في عملية البناء الداخلي تحتاج الحركة الإسلامية اليوم إلى دراسة أبعاده وجوانبه وأساليبه بحيث تستطيع أمام أي خلل في صفها أن تعالجه بتفتيت ذلك التجمع المضاد. وفضح أهدافه وضرب مركز القوة فيه حتى لا ينساق سواد الصف معه، وأية معالجة غير هذه المعالجة تصل بالصف الإسلامي كله إلى التفجر والتشرذم