خاليا من كل الشكليات والرسميات. وكما روى البخاري: فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله صامتا، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحيي أبا بكر حتى أصابت الشمس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه فعرف الناس رسول الله عند ذلك).
إنه سيد خلق الله كافة، ويعيش مع أصحابه كأنه واحد منهم حتى لا يعرف إلا عندما يظلل بالرداء من أبي بكر، ومعالم دولة الإسلام في الأرض بهذه القيادة وبهذا التواضع والتعايش لحرية أن تكون منهاجا لكل مسؤول وقائد كيف تكون علاقته مع إخوانه وجنوده.
السمة العشرون
نجاح الخطة، ووصول القائد الأعلى إلى مركز القيادة
(.. فلما كان اليوم الخامس - يوم الجمعة - ركب بأمر الله له، وأبو بكر ردفه، وأرسل إلى بني النجار - أخواله - فجاؤوا متقلدين سيوفهم فسار نحو المدينة فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي، وكانوا مائة رجل. وبعد الجمعة دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فكان لا يمر بدار من دور الأنصار إلا أخذوا خطام راحلته، هلم إلى العدد والعدة والسلاح والمنعة، فكان يقول لهم، خلوا سبيلها فإنها مأمورة، فلم تزل سائرة به حتى وصلت إلى موضع المسجد النبوي اليوم فبركت، ولم ينزل عنها حتى نهضت وسارت قليلا ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول، فنزل عنها ... وبادر أبو أيوب الأنصاري إلى رحله فأدخله بيته فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: المرء مع رحله (?)). وها هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه من المهاجرين والأنصار يحفون بهم، ويفدونه بآبائهم وأمهاتهم، ويضعون دماءهم وأموالهم تحت تصرفه وجواري الأنصار يغنين ويضربن بالدفوف:
طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع