فكان - فيما قاله عروة بن الزبير، ومحمد بن شهاب، ومحمد بن اسحاق - من حين أتت النبوة وأنزل عليه {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين} وقوله {وأنذر عشيرتك الأقربين} {وقل إني أنا النذير المبين} ثلاث سنين (?).
ونلاحظ أن المقريزي رجح الآراء التي تعتبر فترة انقطاع الوحي فترة قصيرة حول الأربعين والخمسة عشر والثلاثة من الأيام (?). بينما ساق الأقوال الأولى عن السنتين والسنتين والنصف دون إسناد.
وفي الرأي الثاني يزول الإشكال الكبير حول هذه الفترة التي لا نجد لها ذكرا أو تاريخا. ولو حسبت هاتان السنتان والنصف من المرحلة السرية لكانت مرحلة الدعوة فيها لا تعدو سنة أو نصف سنة، ومن المستبعد جدا أن يكون ذلك.
ننتهي بهذا إلى أن السمة الأولى لهذه المرحلة: هي امتدادها الزمني ثلاث سنوات وإن كنا في واقع الأمر لا نبني شيئا على هذه المدة. ولا نفهم أن الحركة الإسلامية اليوم لا بد أن تمر بمرحلة سرية هي ثلاث سنوات. فهذا أمر لا نص فيه يدعونا إلى الاقتداء به ولا نحجر واسعا. إنما نفهم أن انتهاء هذه المرحلة قد كان لأنه قد صار للمسلمين قاعدة صلبة مستعصية على الإفناء إذا قيست، بنوعياتها من جهة، ونسبتها إلى المجتمع المكي آنذاك من جهة ثانية. ومن هذا الجانب تكون القدوة. فليس المهم حساب الزمن. إنما المهم الحصيلة العملية للدعوة، وقدرتها على المواجهة للمجتمع القائم من خلال أشخاصها ورجالاتها ومؤسساتها.