نفعهم الإقرار ولا صلاتهم ولا هجرتهم إلى المدينة. فلما علم الله صدق ذلك من قلوبهم أمره أن يأخذ من أموالهم صدقة تطهرهم، فأمرهم ففعلوا، فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ولا هجرتهم ولا قتلهم آباءهم. فلما علم الله صدق ذلك من قلوبهم أمرهم أن يطوفوا بالبيت العتيق تذللا ويحلقوا رؤوسهم تبعدا، فأمرهم ففعلوا. فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ولا صلاتهم ولا هجرتهم ولا قتلهم آباءهم، فلما علم الله صدق ذلك من قلوبهم فيما تتابع عليهم من شرائع الإيمان وحدوده قال: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. هكذا السنة يا ابن أخي فأبلغها عني من سألك من الناس.

وقال فضيل بن عياض أصل الإيمان وفروعه بعد أداء الشهادة بالتوحيد، والشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالبلاغ، وأداء الفرائض صدق الحديث وحفظ الأمانة، وترك الخيانة، والوفاء بالعهد، وصلة الرحم، والنصيحة لجميع المسلمين والرحمة للعامة أو للناس. فقيل له: هذا من رأيك أو سمعته؟ فقال: بل سمعناه وتعلمناه، ولو لم آخذه من أهل الفقه والفضل لم أتكلم به.

فصل

وقد دعا قوما قولهم إن الإيمان هو المعرفة والإقرار وليست الأعمال من الإيمان، إلى أن قالوا: كل مؤمن وإن عمل ما عمل من المعاصي فإيمانه كإيمان أكثر الناس طاعة وأشدهم اجتهادا في العبادة. ومنهم من اجترأ ولم يأب أن يقول: إيماني وإيمان جبريل وميكائيل على السواء. واستعظم السلف هذا القول. فروي عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبوح به، إن إيمانه على إيمان جبريل وميكائيل.

وذكر لابن أبي مليكة إيمان، فقال: أترون إيمانا مثل إيمان جبريل وميكائيل، وبهذا كان رجلا صاحب شراب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015